مقدمة
الخريطة الذهنية لمقياس مدخل إلى الفلسفة.
تمثّل الفلسفة طريقة تفكير مميّزة يسعى كل إنسان لتعلّمها وذلك من أجل محاولة إكتساب طريقة التفكير المنطقي السليم، وكذا آليات التفكير الفلسفي والمتجذّرة من أبرز الملكات والقدرات العقلية من التحليل والتركيب، التأمّل والمساءلة، الشك والنقد، ولهذا تسعى كل العلوم إلى أن تقترن بالفلسفة لتقعيد مبادئها ونظرياتها وقوانينها وتطوير نتائجها، وهذا ما يجعل من الفلسفة تخصصا قائما بذاته في الجامعة، وفي هذه المحاضرة سنتطرق إلى التعريف بالفلسفة من الإشتقاق اللغوي إلى الدلالة الإصطلاحية وعلاقتها بعلم التربية، وصولا إلى فلسفة التربية.
إنّ أيّ مفهوم من المفاهيم يحمل العديد من المعاني والدلالات سواء من الناحية الإشتقاقية اللغوية أو الإصطلاحية الوضعية، وعلى هذا الأساس فإنّه يتلوّن بتلّون الحقل الجغرافي والثقافي الذي ينشأ فيه أو ينتقل إليه، وإذا ما تحدّثنا عن مفهوم الفلسفة فإنّنا لا نخرج عن هذا السياق سيّما أنّ المشكلة المتعلّقة بتعريف هذا المفهوم قائمة منذ نشأتها، وهو الشأن ذاته مع مفهوم التربية لكونه من المفاهيم الجديدة التي إهتمت بها العلوم الإنسانية مقارنة ببقية المفاهيم الأخرى، ومع ذلك فقد تزايد الإهتمام به من قبل الباحثين نظرا للأهمية المعرفية والوظيفية التي يشغلها في مجال التربية وكذا التعليم بشكل عام، وهو ما جعل العلاقة بين الفلسفة والتربية موضوعا أساسا يطرح في مجال العلوم الإنسانية والإجتماعية من منطلق إعتبار الغاية الأساسية لكل منهما تتمثّل في السعي إلى معرفة طبيعة الإنسان وإتّخاذ موقف من طبيعة الحياة والكون والمعرفة والقيم والجمال والأخلاق، إنّ العلاقة الوطيدة التي تربط بين الفلسفة والتربية أنتج ما يعرف بـــــ" فلسفة التربية" ذلك أنّ " الفلسفة في مفهومها المطلوب هي " فلسفة الحياة"، وإنّ التربية هي الوسيلة أو السبيل الذي نراهن عليه في نقل الفلسفة وترجمتها في شؤون الحياة."1